فكُلُّ شيءٍ يتناهَى إلى غبارٍ ورمادٍ ونسيان …، إلا أنت
فاحمِني … مِن النسيانِ واللعِب ..، ودلَّني على طريقِ الخالدين إليك … الخالدين فيك
يا وطَن … ، يا لَذَّةَ الخاسِرين .. ، يا عِناقَ الهائِمين .. يا نَبعَ العَطشى
يا ضميرَ الحالمِين يا وطَن
ما عاد إلنا غيرَك … ، فاصمُد على قرع طبول السَّكارى والناحبين
اصمُد …. على وقعِ أقدامِ البرابرةِ والعتاةِ والحَمقى والنائِمِين
عربٌ يموتون فيك … وعربٌ يموتون عَنك … وعربٌ يموتون لَك
فأيٌّ الأشياءِ أكونَها الآن … وأنتَ صَوتُ ضميري يا وطَن
ما إلنا غيرَك
فحرِّر هذا الكائِنَ الوحشيَّ المكبوتَ فينا …
وقرِّبنا مِن خريفِكَ النبويّ
قربنا مِن خلودِكَ الأحمَر
سيحاصرونَك
ويحاصرونَك
ويحاصرونَك
وستبهرهم .. وتجعلهم مبهوتين .. كيف ؟؟ … لا يفهمون كيفَ لا تموت
لأنهم لا يعرفون أنَّكَ مُحصَّنٌ بدَمِ طِفلٍ وامرأةٍ وشيخ … وأنَّكَ مدجَّجٌ بدموعِ أرملةٍ واحتضاراتِ شهيد .. ، وأنَّكَ ناجٍ مِن قبحِهِم .. من ذعرهِم .. مِن كبتهِم .. ، مِن ضحكاتِ آبائِهِم .. ، مِن خياناتِ أعوانِهم .. ، وأنَّكَ الباقِ المنتصِر …. ، فما عادَ لَنا غيرُك … ، إيه يا وطَن
…………….
على شاطئِ البَحر وقَفنا ..
كنا نراقبُ اقترابَ السَّفينة
كانَ اسمها (حرية) … لأنَّها الأمَل
ولأنَّ اللهَ تجلَّى في أذهانِ صَحبِها
وعيونهِم وقلوبهِم
فصاروا ملائِكةً وحملةَ عَرش
وجاءتنا أخبارُ الدَّمِ المنثورِ في البَحر
فبكينا … وفرحنا … ووزعنا الورود والأذكار والمناشير الحربية
ووقفنا باسمين … ننظرُ إلى مصير (اسرائِيل)
كيفَ ينهارُ أمامَ صَرخاتِ أهلِها ..
كيفَ يزحفُ على صُمودِ شبانها وشيوخها ونسائِها
إنها (الحرية) … إنها هبةُ السَّماءِ للأرضِ العتيقة
إنها … هديَّةُ القدَر لمَن رفضَ السكوت
إنها اليقينُ الأخير
حقيقةٌ لا يفهمها إلا الأحرار .. والأنبياء .. والشهداء
وداعاً أيُّها الأبطال
يا رجال …
ذهبتُم .. فنقصَت مِنا الرجولة .. لكِن
سنبحثُ عنها مجددا في أشباهَ مِنكم
وللبطولةِ أهلها … وللحريةِ ناسَها
فخذوا مجدَكم وغطوهُ جيداً
واحموهُ مِن ضرباتِ الخونة
ومِن طعناتِ الجبناء
ومِن قلقِ الشياطين على عروشِهم وفي مخادعهم
خبِّئوا عشقكمُ هذا ..
هذا الأسطوريّ الخالِد ..
خبِّئوه عن أنظار الكتاب والشعراء والمهابيل
فهذا الكنزُ لكم وحدَكم
وهذه البطولة وريثَة آدَم (ما تبقى منه) على هذه الأرض الضَّيِّقة
أحبكم وكفى
فهل تقبلوا مِني (دمي) المتخثِّر
أهديهِ لكُم … مقابلَ أنينِ شهيدٍ مِنكُم .. أو
صَرخةً سمعتها دونَ أن تكتمِل .. (حُرية)
حُرية ؟؟؟
كيفَ فهمتموها … وكيفَ لَم تلقنوها لغيرِكُم
أريدُ حريتي بينكم
أريدُ أن أستعيدَ لدمِي سيولَتهُ مِن أجلِكم
هنيئاً لكُم
.
31/05/2010